أسطورة تأجيل نفخ الروح لليوم 40، والتمايز الجنسي في اليوم 42
كُتبت في: 23/11/2021
قبل الدخول في موضوع مصدر أسطورة توقيت نفخ الروح أنصح بقراءة المقال السابق (ماهية الروح وأصلها الأسطوري)..
كثيرًا ما نسمع في السّرديات الدينية أن الروح تُنفخ في اليوم الأربعين من الحمل، والتي على أساسها وضعت العديد من القوانين والتشريعات..
بداية ذكر اليوم الأربعين في الأدبيات التاريخية كانت مع الإغريق (قدماء اليونانيين) حيث اعتقدوا أيام أرسطو (322-384 قبل الميلاد) أن: "الجنين يمتلك في البداية روح نباتية Vegetable Soul أو ما يسمى بالروح المغذية Nutritive' Soul يتطور هذا إلى روح حيوانية Animal Soul أو ما يسمى بالروح الحساسة Sensitive Soul لاحقًا في فترة الحمل. أخيرًا، يكون الجنين "متحركًا" بروح بشرية Human Soul، أو ما يسمى الروح العاقلة Rational or Intellectual Soul ويحدث الحدث الأخير، المسمى نفخ الروح Ensoulment، في اليوم 40 من حمل الأجنة الذكور، ويوم 90 لللإناث؛ واعتبر الارتكاض Quickening مؤشراً على وجود الروح"..
When Does Human Life Begin? - Scientific, Scriptural, and Historical Evidence Supports Implantation (Page 13)
1.Aristotle "History of Animals, Book VII, Chapter 3, 583b
The moral status of the human embryo: a tradition recalled (Page 39)
The Embryo Project Encyclopedia-Aristotle (384-322 BCE)
هذا الإدعاء (40 و90 يومًا) تكرر في السرديات اليهودية والمسيحية في العهد القديم من الكتاب المقدس المسيحي (40 و80 يومًا)..
ففي (لاويين 12: 2-5):
1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. 3 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. 4 ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا.
(7+33=40) أو (7+33+1=41)
5 وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. 6 وَمَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ، تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ.
(14+66=80)
أما الاختلاف بين 80 و90 فيعتقد أنه من باب مضاعفة الأيام التي تحتاجها الإناث للاكتمال مقارنةً بالذكور، على أساس الاعتقاد الذي كان سائدًا بأن الرجل هو الإنسان الكامل وأن الرجل ضعف المرأة والذي رأيناه في السرديات اليونانية وما لحقها..
وفي السرديات الإسلامية نجد تكرر هذه الأرقام والأفكار:
ففي سؤال للدكتور على جمعة في برنامج " الله أعلم" على شاشة سي بي سي، مفتى الديار المصرية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، حول حكم إجهاض الجنين قبل 40 يومًا، قال:
"يرى الإمام مالك، أنه يجوز الإجهاض قبل أربعين يومًا، بناء على أن الحياة التي تظهر في حركتها هي حياة نباتية. وتابع: فإلتقاء البويضة مع الحيوان المنوى لتخليق جنين، فيظل بما يسمى بالحياة النباتية عند الإمام مالك 40 يومًا، وعند الإمام الشافعي 4 شهور طبقا لفهمهم للحديث النبوي الذي ورد في هذه القضية.
وأشار إلى أن اجتهاد الإمام مالك، إنه بعد الأربعين يوما ينفخ فيه الروح وهى تسأل عند إنزال الحياة النباتية قبل الأربعين يوم فإنه يجوز عندما مالك والشافعي، بل يرى الإمام الشافعي أنه يجوز الإجهاض حتى أربعة شهور.
وأوضح مفتى الديار المصرية السابق، فلماذا هذه المفارقة ما بين 120 يوم وما بعد الـ 120 يوم هو نفخ الروح، و"طيب يقول الشخص أنا رأيت الجنين يتحرك"، فأقول حركة نباتية نمو نباتي، وأن الجنين ما زال في حياة النبات ينمو ويتحرك ولكن ليس فيه الروح الإنسانية، ولكن متى يتحرك وينمو ويكون فيه روح الحياة الإنسانية، فلا يصدق على من أنزال قبل الأربعة أشهر أنه أجهض روح، فيجوز الإجهاض لأي سبب من الأسباب التي لدى المرأة".
المصدر من جريدة الدستور
ومن الأحاديث:
في حديث في صحيح مسلم (4913) (يعتبر من أفراد مسلم ولكنه دليل على وجود التطابق في السرديات)..
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ ، يَقُولُ : " إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ " قَالَ زُهَيْرٌ : حَسِبْتُهُ قَالَ الَّذِي يَخْلُقُهَا " فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ، فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ ، فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ مَا رِزْقُهُ مَا أَجَلُهُ مَا خُلُقُهُ ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ اللَّهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا"
وكذلك حديث [ 2571 ] عن عامر بن واثلة : أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى الرجل بغير عمل؛ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا، فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؛ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله؛ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب رزقه؛ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر به، ولا ينقص.
في هذا الحديث نلاحظ تكرر رقم 40 مع تعديله لرقم 42 وهذا قد يعود إلى حساب الحمل بالأسابيع والذي لا زال مستخدمًا حتى اليوم لتحديد التغيرات في الجنين فالأسبوع الخامس (35 يوم) والأسبوع السادس (42 يوم) فالتقريب واضح خاصةً إذا أخذنا ذكر الرقم 40 في السرديات الإسلامية كما وضحت سابقًا..
أما علاقته بتحديد الجنس فالموضوع بسيط وهو الاعتقاد القديم بأن الذكر يكتمل في ذلك الوقت بينما الأنثى تحتاج ضعف الوقت، فتحديد اكتماله من عدم اكتماله يعتمد على اختيار جنس الجنين...
لكننا نلاحظ شيئًا في الحديث وهو ذكر "خلق" السمع والبصر والجلد واللحم والعظام في نفس اليوم، وهذا خاطئ علميًا..
فتطور هذه الأعضاء موضح في الصورة:
شكرا د حسن
ReplyDelete❤ يعطيك العافية دكتور🌸
ReplyDeleteThis comment has been removed by the author.
ReplyDeleteاحسنت اخي مقال رائع
ReplyDelete