ما بين رهان باسكال ورهان أوريليوس يتم التفريق بين التاجر والإنسان.. بين الإيمان والأخلاق

كُتبت في: 28/09/2017

أكتر شي ممكن تسمعه لما بتكون عم تناقش أي شخص حول ماهية الإيمان ومنطلقو ومنطقو هوي رهان باسكال.. هاد الرهان اللي بوحد معظم المؤمنين من كافة الأطياف (وهاد شي جد نادر)..

 رهان باسكال أو Pascal’s Wager هو شي بسيط كتير:

"الإيمان هو الرهان الحكيم. فالإيمان لا يمكن إثبات صحته أو ضمانه، بالتالي ما الضرر اللي ممكن يصيبك إذا قامرت عصحته وآمنت وتبين بعدين أنو مو صحيح؟ ما في أي ضرر لأنو إذا طلع الإيمان صحيح وفي منو مكسب فأنت بهالحالة كسبت كل شيء، أما إذا كان الإيمان مو صحيح وما في شي تآمن فيه فأنت فعلياً ما خسرت شي، يالتالي ومن دون تردد، أنت لازم تآمن لأنو هالشي أضمن".

بعبارات أخرى:

1- إن آمنت بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لا محدود.

2- إن لم تؤمن بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لا محدودة.

3- إن آمنت بالله وكان الله غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، هذه خسارة محدودة.

4- إن لم تؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.

يعني أنت بتراهن على الربح اللامحدود وتجنب الخسارة اللامحدودة في حال ربح الرهان، مقابل التضحية بالربح المحدود والخسارة المحدودة في حال خسرت الرهان!!!

Sounds logical, doesn't it?

 

الصراحة ومع احترامي لباسكال وفلسفتو فهاد الكلام أبعد ما يكون عن المنطق أو الصحة.. لماذا؟

لأنة إذا فكرنا بمنطق رياضي فكعلم احتمالات كلامو صحيح إذا اعتبرنا أنه لا يوجد إلا دين واحد وأنت إما مؤمن فيه أو كافر فيه.. بالتالي هون في أربع احتمالات فرعية منهم احتمالين رئيسيين..  يعني فينا نقول فيفتي فيفتي والفيفتي الصح ربحها مهم بينما الفيفتي الغلط خسارتها مو مهمة.. ولكن، هوي فرض وجود أربع احتمالات فقط بافتراض وجود معتقد واحد وتجاهل انو هي الاحتمالات لازم تنضرب بعد. المعتقدات (التي لا تقل عن ٤٥٠٠) معتقد. احسبها رياضيا وشوف. طبعا هوي عمل هيك لأنو كان نقاشو في محيطو فقط ما بين مؤمن بدين محدد وغير مؤمن متناسيا وجود أديان تانية!!

وإذا فكرنا فيها بمنطق ديني فالأمر معقد لأنو الأديان لا تطالب بالإيمان بالإله كإله بل الإيمان بإله محدد ومواصفات محددة بالتالي كشخص متدين كيف رح تعرف إذا رهانك كان عالإله الصحيح.. طبعاً غير أنو عائلتك ومجتمعك والصدفة الديموغرافية والجغرافية هيي اللي خليتك تولد بالدين الصح.. هون صار في احتمالات أكتر بكتير هيي الأربع احتمالات السابقة مضروبة بعدد الأديان (أو الألهة الموجودين)..

أما إذا فكرنا بمنطق عقائدي مذهبي فالأمر أعقد بكتير لأنو حسب المذاهب اللإله نفسو يمكن ما يقبل إيمانك إن لم تلتزم بطقوس وطرائق محددة في عبادته وهون بتزيد عدد الاحتمالات بشكل مخيف وبتصير: أربعة ضرب عدد الألهة ضرب عدد المذاهب لكل دين... يعني احتمال أنك تراهن عالإله الصح والدين الصح والمذهب الصح شبه معدوم..

لكن الأهم إذا فكرنا حسب المنطق اللاهوتي.. فهاد المنطق بيلغي الرهان من أساسو لأنو لاهوتياً ما في إله ممكن يتقبل إيمانك فيه إذا كان مصدر إيمانك هوي الشك والمقامرة وترك هامش ربحي كبير لاحتمال وجودو وهامش خسارة أكبر لاحتمال عدم وجودو.. بالنهاية لاهوتياً الإله المفروض يعرف نيتك ومو مجرد عقد مكتوب فيه أنك مآمن فيه وخلص..

طيب والحل.. شو هوي الرهان الصح؟؟

ببساطة الرهان الصح هوي الرهان الأخلاقي الإنساني اللي قالوا الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس:

"عِش حياة صالحة.. فإن كان هنالك آلهة، وهي عادلة، فلن تهتم بدرجة تدينك بل سترحب بك بناءً على فضائلك في حياتك.. وإن كان هناك آلهة، وهي ظالمة، فلا يتوجب عليك أن تعبدها.. أما إن لم يكن هناك آلهة، فتكون قد رحلت ولكنك عشت حياة نبيلة تظل ذكراها باقية في أذهان أحبابك"

للمرجعية:

“Belief is a wise wager. Granted that faith cannot be proved, what harm will come to you if you gamble on its truth and it proves false? If you gain, you gain all; if you lose, you lose nothing. Wager, then, without hesitation, that He exists.” 

― Blaise Pascal

“Live a good life. If there are gods and they are just, then they will not care how devout you have been, but will welcome you based on the virtues you have lived by. If there are gods, but unjust, then you should not want to worship them. If there are no gods, then you will be gone, but will have lived a noble life that will live on in the memories of your loved ones.”

― Marcus Aurelius