الهولوكوست ومعاداة السامية وهل يحق لي أن أشتم أبوك؟
كُتبت في: 30/10/2020
أسئلة لذيذة عم تتكرر عندي بالتعليقات وواجب عليّ وضحها وخلونا نتحمل بعض شوي، فالغرض توضيح الالتباسات...
أول شي سمحولي قول للمناهج التدريسية تبعنا أنو روحوا الله لا يعطيكم العافية فوق تعبكم... أنا إذا سُئلت ما هي التعديلات الذي يجب القيام بها لمناهجنا الدراسية رح قول أول وأهم تعديلين هني:
- إلغاء مادة الديانة وإدخال مادة المنطق والتحليل المنطقي لأن ببساطة الطفل الذي ينشأ على المنطق من صغره رح يكون قادر يوصل بالمستقبل للخيارات الصح أو حتى للمعتقدات الصح إن وجدت بحكم أنو المعتقدات محيطة به في كل مكان ما بدها مادة دراسية، مادة منطق تحتوي أسس المنطق وآلية التفكير التحليلي المنطقي وأسس النقاش والمغالطات المنطقية...
- إضافة جزء للمواد متل القومية والوطنية، إذا كان لا بد منها، جزء كبير جدًا لا يقل عن نصفها حول حقوق الإنسان والأعراف الدولية وغيرها...
ليش؟ لأنو ضعف شعوبنا بموضوع المنطق والنقاش المنطقي وموضوع حقوق الإنسان والتمييز هوي سبب كتير أسئلة رح وضحها بهاد الپوست..
الطرح الأول: بما أنو انتقاد أو السخرية من شخصية دينية يندرج ضمن حق حرية التعبير، فأنا فيي انتقد أبوك أو أمك أو شخص بهمك ضمن نفس الحق..
الطرح الثاني: ليش إنكار الهولوكوست ممنوع بأوروبا وانتقاد المسلمين مسموح؟
الطرح التالت: ليش ممنوع معاداة السامية ومعاداة المسلمين مسموح؟
طروح جميلة ومهمة ولكن للأسف ثلاثتها قائمة على مغالطات منطقية واستيعابية وتاريخية... واسمحولي أشرح كل وحدة لحال...
الطرح الأول: بما أنو انتقاد أو السخرية من شخصية دينية يندرج ضمن حق حرية التعبير، فأنا فيي انتقد أبوك أو أمك أو شخص بهمك ضمن نفس الحق:
هنالك نوعين من حقوق الإنسان، الأول الحرية الشخصية والثاني حرية التعبير.. حرية التعبير هي حرية انتقاد الأفكار وليس الأشخاص فالأفكار غير مقدسة ولكن حياة الأشخاص وحياتهم الشخصية هي المقدسة فبإمكانك انتقاد أي فكرة لكنك لا يحق لك انتقاد شخص لشخصه أو الحديث في حياته الشخصية ما لم تكن هذه الشخصية شخصية عامة فعندها يصبح هذا الشخص ممثلًا لمنظومة عامة ويمكن نقد شخصه ولكن مع ذلك لا يمكن التعرض لحياته الشخصية ما لم يكن لها تأثير على ما يمثله.. على سبيل المثال أنت لا يحق لك أن تسبني أو تتعرض لي في شخصي ولكن يحق لك أن تقول أن أفكاري غبية أو أنني لا أفهم باختصاصي لأنه عندها ببساطة أستطيع الرد على فكرتك بطلب الدليل، أما إذا سببتني بشخصي فهنا أنت تخالف القانون.. كذلك الشخصيات العامة سواء رؤساء أو مسؤولين أو ممثلي أديان ومعتقدات.. انتقاد أفكارهم وممارساتهم حرية تعبير مكفولة وحتى انتقاد شخصهم كذلك لأنهم باستلامهم هذا المركز أصبحوا ممثلين للجهة التي يترأسونها.. فرئيس دولة ما يمثل هذه الدولة فشخصه يؤثر عليها، لكن لا يحق لنا انتقاد حياته الشخصية ما لم تكن مؤثرة على الدولة وصورتها أو مخالفة للقانون.. وكذلك ممثلي الأديان فانتقاد شخصهم وممارساتهم حرية تعبير بغض النظر إن كان النقد صحيح أو خاطئ لأنهم أولًا ممثلون لهذه الأديان وثانيًا تصرفاتهم تمثل هذه الأديان وتؤخذ كتشريعات..
نأتي لطرحك المباشر، هل يحق لك انتقاد أبي؟
إذا كنت تنتقد ممارسات يقوم بها أبي أو تنتقد أفكاره فنعم يحق لك، وإذا كان أبي أستاذ مدرسة وانتقدت أسلوب إعطاءه للدروس فنعم يحق لك، وإذا كان أبي مدير أو وزير أو رئيس وانتقدت شخصه واعتبرته لا يمثل الجهة بشكل جيد فنعم يحق لك، أما أن تسبه وتنتقده لشخصه دون سبب أو لأن أفكار ابنه لم تعجبك فهذه مغالطة الشخصنة Ad Hominem وأستطيع أن أقاضيك عليها... ملحوظة أظن ما في شخص عم يقرأ ما مارس حقو بالتعبير بانتقاد أفكار غيرو والسخرية منها أو أشخاص بمثلو أديان غيرو أو مسؤولين أو رؤساء.. هل يجب محاكمة الجميع؟
ويجب التأكيد أنه بالرغم من حق الشخص بانتقاد أي فكرة بأي طريقة فهو لا يحق له لا التعرض ولا التمييز ضد معتنقي الفكرة، وهنا لا يمكن القول أن التعرّض للفكرة فيه جرح نفسي لمن يؤمن بها وبالتالي تعرّض له لأنه ببساطة مهما كانت الفكرة سخيفة فهي لها من يعتنقها وإلا لما كان من داعي لانتقادها وإن كنا سنمتنع عن انتقاد كل فكرة لأن ذلك يجرح من يعتنق بها فلن يستطيع أحد الكلام..
الطرح الثاني: ليش إنكار الهولوكوست ممنوع بأوروبا وانتقاد المسلمين مسموح؟
هنالك فرق بين انتقاد الأفكار والسخرية منها وحتى التهجم عليها الذي يندرج ضمن حرية التعبير وبين التهجم على معتنقي هذه الأفكار كأفراد والتعدي على حياتهم والتي تعارض حق الإنسان في الحياة وعدم التمييز العنصري تجاهه وممارسة معتقده دون أن يؤثر على غيره.. قانون تجريم إنكار الهولوكوست هو ببساطة قانون لتجريم إنكار حدوث الهولوكوست ولا علاقة له بتجريم من ينتقد المعتقدات اليهودية أو أفكارهم.. هو ببساطة قانون يجرّم إنكار الإبادة الجماعية لليهود من قبل النازيين ويجرّم التحريض عليها واستخدام رموزها لأنها كانت ضد فئة وأفراد معينين وليس أفكارهم أي أنها كانت تحرض على حياة هؤلاء نتيجة اعتناقهم لفكرة ما ولا تتضمن هذه القوانين أي شيء مثل منع انتقاد أفكار اليهود وهذه الجريدة التي شهرتموها نشرت صور ساخرة من المعتقدات اليهودية والمسيحية ولم تحاكم..
ملحوظة مهمة يمكن تفاجئكم وهوي أنو هالقانون مو موجود بكل الدول الأوروبية بل فقط بالدول اللي حست أنو كان في ألها علاقة بالموضوع متل أنو صارت المحرقة على أراضيها أو ضد مواطنيها متل ألمانيا ، إيطاليا , فرنسا , النمسا ، المجر ، رومانيا , بلجيكا , سويسرا , سلوفاكيا , بولندا , لوكسمبورغ وغيرها بينما دول تانية (متل بريطانيا مثلًا) ما فيها هيك قانون.. إي عزيزي بريطانيا ما فيها هيك قانون.. وحاليًا ما عاد في حاجة ألو لأنو ببساطة صار في شرعة حقوق الإنسان اللي بتضمن عدم التحريض على أي جماعة دينية.. وعفكرة أي دولة فيها تعمل هيك قانون متل أنو أرمينية تطلع قانون يعاقب من ينكر مجازر العثمانيين في ذلك الوقت بحق الأرمن أو أنو الجزائر تطلع قانون يجرم من ينكرم جرائم الحرب اللي ارتكبتها فرنسا في ذلك الوقت بحق الجزائريين وهكذا..
Comments
Post a Comment