النزعة البشرية لتجنب الخسارة Loss Aversion Tendency
كُتبت في: 06/11/2020
حدث موقف طريف بين أحد الأصدقاء وشخص من معارفو تتلخص بحوار حول الانتخابات الأمريكية وملخصها أنو لما هاد الشخص سأل مصطفى عن الحزبين المتنافسين قلو مصطفى أنو الديمقراطيين Democrats الممثلين بجو بايدن بيدعموا المهاجرين والأقليات العرقية والدينية أكتر من الجمهوررين Republicans الممثلين بالحجي ترَمپ، فما كان من صاحبو لصاحبنا إلا أنو قلو شي بمعنى (نشالله بيربحوا الديمقراطيين)؛ لكن مصطفى بحسّه الماصوني المأجور استدرك قائلًا بما معناه أنو (ليك غالي بس دعم الأقليات بيجي One Package يعني كمان بيدعموا الأقليات الجنسية متل المثليين والمتحولين جنسيًا وغيرهم أكتر من الجمهوريين)، فهون صاحبو لصاجبنا وقف للحظة وجاوبوا (لا إذا هيك فيضرب يوسف بيضون وحزبوا ونشالله يفوز ترَمپ وحزبو).. مصطفى ما فيه يسكت لازم يحركش قام قلو ما معناه (بس هيك الأقليات الدينية رح تتضرر!)، قام صاحبو جاوبو بما معناه (مو مهم، المهم أنو هي الجماعات ما تندعم وإذا بدو يجينا خير منهم ما بدنا ياه)..
حوار جميل وبسيط ومعبّر.. قد يستغربه البعض ولكن قد أفاجئكم إذا قلتلكم أنو طريقة تفكير صاحبو لصاحبنا موجودة عند الأغلبية.. شيلونا من الانتخابات الأمريكية ومن المرشحين وركزولي على فكرة أنو قد يفضل الشخص أن يخسر عدوه وإن كلفه هذا خسارة شخصية على أن يكسب هو وعدوه معًا.. فكرة قد تبدو غريبة لكنها موجودة بكثرة ومدروسة ومستخدمة بمجالات كتيرة أهمها المجالات السياسية والاقتصادية...
لنبدأ أولًا Lite version من هي الفكرة وهوي ما يسمى "نزعة تجنب الخسارة Loss Aversion Tendency" وهيي مفهوم تحدث عنه لأول مرة Amos Tversky و Daniel Kahneman وهو مشتق من سلوك اقتصادي اجتماعي يسمى "نظرية الاحتمالية Prospect theory" وهيي نموذج سلوكي يوضح كيف يختار الناس بين البدائل التي تنطوي على مخاطر وعدم اليقين، أي تحتوي على احتمالية المكسب والخسارة likelihood of gains or losses. وهاد النموذج يوضح أن الناس بفكرو من حيث المنفعة المتوقعة بالنسبة إلى نقطة مرجعية بدلاً عن التفكير يالعوائد المطلقة الكلية، وانطلاقًا من أن شعور كره البشر للخسارة أكبر من شعور حب البشر للربح حسب ما بقول الأخوة الأعزاء (Kahneman & Tversky, 1979; Kahneman, 2011).. ومن هنا أتت هذه النزعة لتجنب الخسارة Loss Aversion Tendency واللي بتقول أنو ألم الخسارة من الناحية النفسية أقوى بمرتين من متعة الكسب وأنو الناس أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر أو التصرف بطريقة غير شريفة لتجنب الخسارة بدلاً من تحقيق مكاسب حسب الأخوة الأعزاء (Schindler & Pfattheicher, 2017) وهاد فيكم تلاحظوه عند الأطفال وكيف أنو نسبة الكذب عندهم لتجنب العقاب أو اللوم على ذنب عملوه أكبر من نسبة الكذب لأخد مكافأة. وتم استخدام نزعة النفور من الخسارة بالعلوم الاقتصادية لشرح "تأثير الوقف Endowment Effect" وهوي أنو احتمال احتفاظ الناس بشيء ما يمتلكونه أكثر من احتمال طلب نفس الشيء عندما لا يمتلكونه؛ وشرح "مغالطة التكلفة الغارقة Sunk Cost Fallacy" وهي ممثلة بفكرة نجدها عند أغلب المستثمرين الصغار واللي هيي بتصير لما بيكتشف شخص ما أنو الاستثمار تبعو فاشل، ولكن ييستمر فيه لتجنب خسارة التكاليف اللي دُفعت بالفعل بالرغم من أنو لا يمكن استعادتها.
ولشرح الفكرة أكتر ممكن تعرفوا أن بينت بعض التجارب أنو إذا طلب مثلًا من عدد من الناس اختيار أحد هالخيارين: ربح خمسين دولار مثلًا أو ربح مية دولار ومن ثم خسارة خمسين دولار؛ سيكون اختيار الأغلبية هو خيار ربح خمسين دولار.. مع أنو النتيجة النهائية نفسها وهيي أنو يبقى معهم خمسين دولار لكن الخيار الأول ما فيه خسارة.. طبعًا ألها تطبيقات عكسية وهيي أنو الإنسان عندو نزعة للكسب حتى لو وهمي متل فكرة التنزيلات والعروض لما بتشوف قطعة سعرها 20 دولار ممكن ما تفكر تشتريها لكن إذا شفتها نفسها مكتوب عليها أنو كانت 40 دولار وصارت 20 دولار ممكن كتير تفكر تشتريها بس هي ممكن نحكي عنها غير مرة...
طيب هلأ بنرجع لصاحبو لصاحبنا، الحالة تبعو واللي موجودة عند كتار هيي مرحلة متطورة Full version من هي النزعة واللي فيها بكون الشعور السلبي الناجم عن كسب عدوك (اللي بتعتبرو خسارة ألك) أكبر من الشعور الإيجابي الناجم عن كسبك.. والشعور الإيجابي الناجم عن خسارة عدوك (اللي بتعتبرو مكسب ألك) أكبر من الشعور السلبي الناجم عن خسارتك..
لذلك لما حلل بدماغو ما سبق نتج عندو باللاوعي المعادلتين الآتيتين:
الشعور السلبي الناجم عن كسب الأقليات الجنسية (كسب عدوي)= 2x الشعور السلبي الناجم عن خسارة الأقليات الدينية (خسارتي)
الشعور الإيجابي الناجم عن خسارة الأقليات الجنسية (خسارة عدوي)= 2x الشعور الإيجابي الناجم عن كسب الأقليات الدينية (كسبي)
بعدها قام اللاوعي عندو بتطبيق هدول المعادلتين فطلع معو أنو حسب كلام مصطفى:
فوز الديمقراطيين= كسب الأقليات الدينية + كسب الأقليات الجنسية
مما يعني:
فوز الديمقراطيين= شعور إيجابي + 2x شعور سلبي
بالمقابل:
فوز الجمهوريين= خسارة الأقليات الدينية + خسارة الأقليات الجنسية
مما يعني:
فوز الجمهوريين= شعور سلبي + 2x شعور إيجابي
بالتفكير قليلًا وجد اللاوعي أن فوز الجمهوريين يعطي شعور سلبي واحد وشعورين إيجابيين بينما فوز الديمقراطيين يعطي شعور إيجابي واحد وشعورين سلبيين، ففضل فوز الجمهوريين رغم أنه بالنظر إلى المعادلات نجد أن خسارة هذا الشخص غير موجودة إلا في معادلة واحدة وهي عند فوز الجمهوريين ومع ذلك أرسل اللاوعي عنده رسالة للوعي ليقول لصاجبنا مصطفى ما معناه "لا إذا هيك فيضرب يوسف بيضون وحزبوا ونشالله يفوز ترَمپ وحزبو"...
ملحوظة: يوجد version لسه أتقل وهيي لما بكون شعورك الإيجابي لموت عدوك أكبر بكتير من شعورك السلبي لموتك أنت وهي كلنا بنعرف شو نتيجتها...
…………
- Kahneman, D., & Tversky, A. (1979). Prospect theory: An analysis of decision under risk. Econometrica, 47, 263-291. https://www.jstor.org/stable/1914185
- Schindler, S., & Pfattheicher, S. (2017). The frame of the game: Loss-framing increases dishonest behavior. Journal of Experimental Social Psychology, 69, 172-177. https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0022103116303523
- Kahneman, D. (2011). Thinking, fast and slow. Farrar, Straus and Giroux. https://psycnet.apa.org/record/2011-26535-000
Comments
Post a Comment