ما بين نظرية حرق السفن وضروة الخروج من الـComfort Zone

 


كُتبت في 06/12/2019

لكل عصر أساطيرو وأبطالو اللي الناس بتحب تسمع قصصهم وتاخد من هم عِبر وحتى تحاول تخليهم قدوة ألهم وتطبق أسلوبهم بالحياة؛ في العصور الماضية هدول القصص بأغلبها إما كانت روايات خيالية أو روايات مبالغ فيها أو قصص رواها الجنود والمقاتلين لتمجيد بطولاتهم المزعومة وكتار بالرغم من أنو كانوا يعرفوا أنها تلفيق ومجرد حكي بس كانوا يحبوا يسمعوها ومع الوقت يخلدوها؛ لدرجة وصلنا سابقًا لزمن كان في الزير أو عنترة أو سيف بن ذي يزن أو أبو زيد الهلالي هني قدوة لكتير شباب يسمعوا قصصهم بالقهاوي ويحبوا يطبقوها بالواقع، متناسين أنو ما في جن رح يدعمك متل سيف بن ذي يزن ولا عندك قوة ألف رجل متل عنترة أو الزير..

عصرنا الحالي رغم التطور الشديد والجذري والمخيف مقارنة بهداك الزمن إلا أن هاد الموضوع لم يتغير مطلقًا للأسف ولا زالت سيطرة السوپرهيروز وثقافة الأبطال الخارقين موجودة بقوة مع اختلاف الحكواتي واللي صار 3D & 4D فمثلًا صار أيرون مان أو الجوكر أو باتمان أشخاص بعلموا شريحة كبيرة من الناس وبيتأثروا بأسلوب حياتهم وطريقة أخذ قراراتهم متناسين أنو ما في مخرج رح يزبطلك النهاية على كيفو وما بتمتلك قوة خارقة رح تنقذك بآخر لحظة، ولا رح فجأة وأنت عم تموت تتذكر أصدقائك فتشعر بقوة هائلة آوت أوف نو ويير متل بالأنمي.. بل بالعكس أي قانون أو دراسة بتم تطبيقها على الشحص الوسطي Average Person اللي بمثل أغلب الشريحة العامة...

إحدى الشغلات اللي علمتنا ياها هالأفلام هيي موضوع ضرورة الوصول للحظة الأخيرة من اليأس والدمار وأنو مستحيل ما عاد في حل وأنو خسرنا كل شي لحتى بآخر لحظة يجي الفرج فجأة، وكمان بكتير أفلام حب الكاتب والمخرج يفرجينا أنو البطل قصدًا تخلص من كل شي ممكن يأمنلو حماية وحط حاولو أعزل في مواجهة الخطر بحيث أنو يجبر حالو على إخراج أفضل ما عندو وأنو كيف بهاللحظة قدر على تخطي الصعاب ومن هالحكي.. يعني ببساطة اتبع نظرية حرق السفن اللي عملها طارق بن زياد عند غزو إسبانيا لما حرق السفن وقلهم للجنود (حبايبي هما خياران لا تالت لهما قدامكم ناس جايين يقتلوكم ووراكم بحر مالح يا أما بتقاتلوا وبتفوزوا يا أما بتموتوا يا قتلًا يا غرقًا) وهون قاتلوا باستماتة وفازوا؛ طبعًا قصة تفوح منها رائحة الأسطورة متلها متل غيرها لكن ما علينا المهم "العبرة"..

طبعا تمت عملية Modernisation أو "عصرنة" لهالموضوع وتم خلطو بشغلات متل ضرورة الخروج من منطقة الراحة تبعك لحتى تقدر تحقق شي وأنو لازم تجبر حالك تطلع منها، وهاد صحيح لازم تطلع منها وبقوة بس المشكلة أنو في خلط كبير بطريقة الخروج منها..
خروجك من منطقة الراحة Comfort Zone لا يعني بأي شكل من الأشكال الدخول في منطقة الخطر Risk Zone في بين المنطقتين منطقة لطيفة اسمها Well-backed-up ambition zone وهي المنطقة اللي بتكون فيها طموح وبتجرب شغلات outside the box بس مع وجود Plan B دومًا.. وهاد ما بيعني أنو لازم يكون الجهد اللي عم تحطو لتنفيذ خطتك الأساسية أقل لأنو عندك خطة بديلة بالعكس، أي خطة أساسية لازم تكون خطة فيها نوع من التفكير برا الصندوق والمخاطرة وتجريب شغلات جديدة يعني خسارتها فيها خسارة لا تعوضها الخطة البديلة لكن الخطة البديلة تمنع انتهائك الكامل ودمارك في حال فشل الخطة الأساسية وبتعطيك فرصة لاستعادة نشاطك ومعرفة الخلل بالخطة الأساسية وتصحيحو وهاد الفرق ما بين التخطيط Planning والمقامرة Gambling بوضع الخطط.

تذكر دومًا أنو المخاطرة ضرورة وأنو لا يمكن إحداث تغيير حقيقي بحياتك ما لم تحرق العديد من سفنك واللي ممكن يكون كتير منها غالي على قلبك لكن لا تحرق الأسطول كلو، اتركلك شي شختورة تتشعبط فيها في حال كانت حساباتك مو كتير دقيقة، لأنو من النادر تكون أنت الشخص الوحيد المؤثر على سير الخطة أو تكون حاسب حساب كل شي، لذلك وفي تلك اللحظة هذه الشختورة قد تعادل في أهميتها أسطولك كلو...

ومتل ما أخدنا من أساطير التاريخ هيك عِبر، فينا ناخد عبرة من شخص أخد عبرة من حرق سفن طارق بن زياد وطبقها بمعركة ودمر الجسر الوحيد اللي كان هوي طريق الرجعة لإجبار الجيش على القتال بعد حرق كل سفن الرجعة مما سبب إفناء جيشو على يد الجيش التاني، هاد الشخص كان اسمو (عبدالله بن مرثد الثقفي) والمعركة تم تسميتها (معركة الجسر) وفيها ألفين شخص رموا حالهم بالنهر وماتوا غرقًا غير اللي انقتلوا بس لأنو واحد منهم حب يطبق أسلوب (حرق السفن) بدون وجود (شختورة أمان)..

Comments

أكثر المقالات قراءة:

قراءة في "معجزة خلق الجنين" ما بين السردية الإسلامية وكتاب غالين

أصل الحياة (التولد الذاتي)، ودراسة جديدة لردم جزء من هذه الفجوة

الفرق بين الحجة والادعاء والدليل، وما هي أنواع الدليل

هل يمكن نفي ما لا دليل عليه؟ إثبات الادعاء السلبي المبهم Proving a Negative

ما بين رهان باسكال ورهان أوريليوس يتم التفريق بين التاجر والإنسان.. بين الإيمان والأخلاق