بين أرسطو ووحش السپاغيتي الطائر ومدّعي البرمجة اللغوية العصبية (سؤال وجواب مع مدّعي البرمجة اللغوية العصبية)

  


كُتبت في: 09/04/2019

أبدأ بما سأختم: 
"These guys wanna play in the realm of science. They wanna claim, "We have evidence for our beliefs!" Ok, what is it?"
—Michael Shermer
((أما كان الأولى بالمبرمجين اللغويين العصبيين أن يبرمجوا لغات أدمغتهم على لغة المنطق قبل أن يحاولوا إقناعنا أن باستطاعتهم برمجة أدمغتنا لجعل حياتنا أسهل، ابدأ بنفسك يا أخي، ففاقد الشيء لا يعطيه!)).

منذ أن اخترع الإنسان اللغة وطورها وأنتج منها أساليب الحوار والنقاش وطور أفكاره لتتنوع مشكّلةً آراء مختلفة ومدارس ومذاهب متنوعة بدأ ما يسمى الجدال والنقاش والمحاججة والمناظرة حيث يطرح كل طرف آراءه ويحاول تدعيمها وإثباتها. البعض يمتلك الحجة والدليل فيقدمهما والبعض يتقاقز ويتحايل ليثبت كلامه بأي طريقة. من هذا وذاك نشأت العديد من مدارس وأساليب النقاش والمناظرات والجدل، فالكثير منا يسمع بمصطلحات مثل الجدل البيزنطي والنقاش السفسطائي Sophism والتي تعني بشكل عام النقاش من أجل النقاش والجدل من أجل الجدل لا للوصول إلى نتيجة. 
ولمنع تضييع وقت الناس في هكذا أنواعٍ من الجدل تم جعل المنطق الحكم في أي نقاش، وتم حصر العديد من أساليب الحوار والمحاججة اللامنطقية لإنشاء ما يسمى بالمغالطات المنطقية Logical Fallacies وكلمة Fallacy مشتقة من Sophism وهي مغالطات يخالف من يقوم بها المنطق وبالتالي يكون طرحهم غير منطقي وغير مقبول في أي نقاش خاصة العلمي منه. 

هنالك العديد من هذه المغالطات وهي جميعها سهلة الفهم ولابد أن تكون مرت معك مرة واحدة على الأقل أثناء نقاشك لأحدهم. وللمغالطة المنطقية تعاريف كتير لكن أهمها أنها استخدام المنطق الخاطئ وغير الصحيح لبناء حجة ما.
أرسطو كان أول من صنف المغالطات المنطقية ضمن قائمة من 13 مغالطة منطقية سماهم تفنيد السفسطائية Sophistical Refutations (يمكن لأنو طلّعوا روحو بنقاشاتهم العقيمة كحال أحفادهم في الجدل السفسطائي اليوم من دعاى العلم الزائف).

وفي هذا الپوست وللإجابة على السؤال الثاني الذي يطرحه دومًا دعاة العلم الزائف من برمجة عصبية وتنمية بشرية وعلوم طاقة زائفة وغيرها وهو (أثبت لنا أن البرمجة العصبية والتنمية البشرية وعلوم الطاقة هي علوم زائفة؛ فهي علوم حقيقية حتى يثبت العكس!)؛ سأتحدث عن مغالطتين منطقيتين وقعوا فيها عند طرح هذا السؤال (من أكثر المغالطات انتشارًا، كانت تسمى مغالطة الأديان لكثرة وقوع المتدينين فيها عند دخولهم في نقاش حول أن العلم يثبت وجود أو صحة الدين؛ وأنا أسميها أيضًا مغالطات العلم الزائف) وهي مغالطة عبء الإثبات، مغالطة التوسل بالمجهول..

مغالطة عبء الإثبات Burden of Proof Fallacy وتسمى باللاتيني Onus Probandi:
Making a claim that needs justification, then demanding that the opponent justifies the opposite of the claim. The burden of proof lies with someone who is making a claim, and is not upon anyone else to disprove. The burden of proof is a legal and philosophical concept with differences in each domain. In everyday debate, the burden of proof typically lies with the person making the claim, but it can also lie with the person denying a well-established fact or theory. The inability, or disinclination, to disprove a claim does not render that claim valid, nor give it any credence whatsoever..
أي أن هذه المغالطة تتم عبر التقدم بادعاء يحتاج إلى إثبات ودليل، ومن ثم مطالبة الخصم بإثبات عدم صحة الادعاء. يقع عبء الإثبات على عاتق الشخص الذي قام بالإدعاء، وليس على أي شخص آخر أن يدحضه. فعبء الإثبات هو مفهوم قانوني وفلسفي مع وجود اختلافات في كل مجال. ففي النقاش اليومي، يقع عبء الإثبات عادةً على الشخص الذي يقوم بالادعاء، ولكنه قد يقع أيضًا على الشخص الذي ينكر حقيقة أو نظرية راسخة. عدم القدرة، أو عدم الرغبة في دحض ادعاء ما لا تجعل هذا االإدعاء صحيح، ولا تمنحه أي مصداقية على الإطلاق.

بنطبق هاد الكلام على دعاة العلم الزائف فنجد أنهم ادعوا أن البرمجة اللغوية العصبية وأخواتها علوم حقيقية دون تقديم أي دليل علمي يثبت كلامهم وعند اعتراضنا وقولنا أنها لا تمت للعلم بصلة لأنهم لم يثبتوها علميًا طلبوا منا دليل على أن ادعاءهم بكونها علم هو ادعاء غير صحيح فوقعوا في مغالطة عبء الإثبات..
يعني ممكن ببساطة يجي أي شخص ويقلي مثلًا يوجد عالم من التنانين الوردية في المجرة العاشرة بعد مجرتنا يتحكم بتصرفاتنا بطاقة تصدر من أجنحتهم.. فهل علي تقبل هذا واعتباره علمًا فقط لكوني غير قادر على إثبات عدم وجودهم وهل عبء الإثبات عليي أم على من ادعى (حتى قانونيًا البينة على من ادعى)..

المغالطة الثانية: مغالطة التوسل بالمجهول/ بالجهل Appeal to Ignorance أو مغالطة حجة من الجهل Argument from Ignorance وتسمى باللاتيني Argumentum ad Ignorantiam:
The assumption of a conclusion or fact based primarily on lack of evidence to the contrary.  Usually best described by, “absence of evidence is not evidence of absence.”
وهي حين يكون افتراض الاستنتاج أو الحقيقة يعتمد بشكل أساسي على عدم وجود أدلة على عكس ذلك. وعادة ما يكون أفضل وصف يستخدم من قبل من يقوم بهذه المغالطة هو "عدم وجود دليل على الشيء ليس دليلًا على عدم وجود الشيء".
كأن أقول مثلًا أنه لا توجد أدلة علمية تدعم تأثير الكواكب في حياة الناس، إذاً الأبراج خرافة. فيرد عليي شحص ما، حاليًا ليس لدينا المعرفة الكافية لنستطيع تفسير كل الظواهر الفلكية، لذا لا نستطيع أن نثبت أن الأبراج خرافة، ولذلك فالأبراج ليست خرافة!.
نفس المغالطة المنطقية يقع فيها دعاة العلم الزائف..

وقبل أن أختم سأذكر أحد الظرفاء واسمو Bobby Henderson اللي ملّ قلبو وهوي يناقش أشخاص حول الدين ويحاول يستخدم المنطق لكن من كتر ما استخدموا المغالطتين المذكورتين أعلاه قام قلهم أوكي مو مشكلة وبناءً على أسلوب نقاشكم أنا كمان برأيي في شي اسمو وحش السپاغيتي الطائر The Flying Spaghetti Monster (FSM)  وأنو هوي خالق الكون وعملو كتاب The Gospel of the Flying Spaghetti Monster وأسسلو ديانة سماها پاستافاريانية Pastafarianism وأسسلو كنيسة اسمها Church of the Flying Spaghetti Monster وهاد رابط موقعها. وفعليًا ما حدا فيه يثبت أنو هاد الوحش غير مزبوط.. وكل هاد بسبب هدول المغالطتين بس.. شفتوا تجاوز المنطق شو ممكن يعمل..

والآن أختم بما بدأت:
"These guys wanna play in the realm of science. They wanna claim, "We have evidence for our beliefs!" Ok, what is it?"
—Michael Shermer
((أما كان الأولى بالمبرمجين اللغويين العصبيين أن يبرمجوا لغات أدمغتهم على لغة المنطق قبل أن يحاولوا إقناعنا أن باستطاعتهم برمجة أدمغتنا لجعل حياتنا أسهل، ابدأ بنفسك يا أخي، ففاقد الشيء لا يعطيه!)).

Comments

أكثر المقالات قراءة:

قراءة في "معجزة خلق الجنين" ما بين السردية الإسلامية وكتاب غالين

أصل الحياة (التولد الذاتي)، ودراسة جديدة لردم جزء من هذه الفجوة

الفرق بين الحجة والادعاء والدليل، وما هي أنواع الدليل

هل يمكن نفي ما لا دليل عليه؟ إثبات الادعاء السلبي المبهم Proving a Negative

ما بين رهان باسكال ورهان أوريليوس يتم التفريق بين التاجر والإنسان.. بين الإيمان والأخلاق