العلم يزيد الحياة قبحًا، والجهل يزيدها رونقًا وسحرًا
كٌتبت في: 16/08/2019
كل ما عرفت أكثر كل ما شفت الحياة أبشع.. طبعًا هالموضوع مو جديد وكتير انحكى عنو أدبيًا وكتار منا بيعرفوا أمثال وأشعار متل (قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم.. ما لذة العيش إلا للمجانين- قيس بن الملوح العامري « مجنون ليلى») و(ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم- المتنبي).. فهل هالكلام صحيح وشو رأي العلم بالموضوع..
للأسف هاد الكلام صحيح لكن السبب لا يعود إلى أنو العلم بخلي الحياة أبشع بل لأنو العلم بخلي الشخص يشوف الحياة بشكل أوضح يعني بنضف النضارات اللي عم تطلع للحياة عبرها وهاد عبر طريقين:
الطريق الأول إزالة كل الأمور الزائفة اللي بتتميز بالسهولة والبساطة والحلول السحرية السريعة واللي الكل بحبها، حلو أنك تكون قادر تتحكم بعقلك بعد تدريب خمس ساعات بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو تكون قادر تحصل عاللي بدك ياه بمجرد أنك تفكر فيه وتطلبو بدماغك بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو أنك تكون قادر تعرف شو رح يصير معك عبر الجريدة أو الراديو كل يوم صبح بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو تكون قادر تعالج السرطان وما تخسر حياتك أو حياة حدا بتحبو إذا أكلت بذور مشمش أو حبة البركة بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو أنو السرطان والإيدز يكونوا أمراض وهمية وغير موجودة بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو أنو تكون قادر تحلل شخصية حدا من يوم ميلادو أو خطو أو طالعو أو اللون المفضل ألو بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو تكون قادر تنقل الطاقة الإيجابية لحدا وتتحكم بتوزعها بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح؛ حلو أنو تكون قادر تخسر الدهون بأسبوعين بحمية بسيطة وبلا تعب أو بحبوب دوا بلا تأثيرات جانبية بس العلم بقلك هالكلام غير صحيح.. كل هدول حلوين لكن غير صحيحين والعلم بقلك أنهم غير صحيحين.. الجهل أحيانًا حلو لكن متلو متل حبوب مسكنات الآلام بخبي الوجع بدون ما يشفي المرض، بيبسطك على المدى القصير وبدمرك على المدى الطويل..
الطريق التاني هوي كشف شغلات أنت أساسًا ما بتعرف أنها موجودة، كتير دراسات لاقت أنو نسبة الأمراض متل السكري والسرطانات وغيرها زادت مع تطور العلم وطرق الفحص وهاد صحيح إحصائيًا وخطأ تحليليًا، صحيح إحصائيًا لأنو فعلًا الأرقام المسجلة زادت بسبب أنو الاهتمام بالموضوع صار أكبر والتسجيل أدق والأشخاص اللي صاروا ينفحصوا أكتر وطرق الفحص صارت أصح وأسهل مو لأنو الأمراض زادت بل على العكس تمامًا عدد البشر ازداد بشكل مخيف من 1 مليار عام 1804 إلى 2 مليار عام 1928 (124 سنة) إلى 3 مليار عام 1960 (32 سنة) إلى 4 مليار عام 1975 (15 سنة) إلى 5 مليار هام 1987 (12 سنة) إلى 6 مليار عام 1999 (12 سنة) إلى 7.2 مليار حاليا (20 سنة) (مصدر1). يعني اللي صار هوي أنو العلم فتح عيونا عالمصايب اللي كانت عم تحصدنا وما كنا عم نعرف فيها وساعدنا نحلها مو زادها متل ما كتير أشخاص بفكروا وبحنّوا لأيام الجهل الجميل وبقولوا أيام زمان ما كان في سكري وسرطانات وأمراض، لا حبيبي كان في وكتير بس أنت كنت جاهل فيها، كانت الحصبة تحصد الضيعة كلها والعلم حولها لمرض بياخد الطفل مشانو إجازة 5 أيام من المدرسة، طبعًا بجهود من يحنّ لأيام الجهل الجميل بلشت هيك أمراض ترجع بسبب عدم التلقيح وتمجيد الجهل.. مثال حول إحصائيات أمراض القلب والأوعية بعد الحرب العالمية التانية (مصدر2).
اجتماعيًا الموضوع نفس الشي، جهلنا بأمراضنا الاجتماعية بخلينا نفكر أنو نحنا مجتمع صحيح وصحي، كيف لا ونحنا عنا نسبة التحرش والانتحار والجريمة والاغتصاب والاكتئاب والتعاسة أقل من المجتمع الغربي وبالأرقاااااام والإحصائياااات، يعني طبيعي تلاقي أرقام أنو نسبة السعادة بإحدى مجتماتنا العربية أعلى منها بسويسرا وكذلك نسبة الاغتصاب عنا أقل.. طيب ليش؟
ببساطة لأنو نضارتهم اللي بيتطلعوا فيها للحياة أنضف من نضارتنا بالتالي بشوفوا أمراضهم بطريقة أوضح وأصح من أمراضنا وبعالجوها، يعني كيف نسبة الانتحار رح تكون أكتر ومنظماتنا اللي عأساس مسؤولة عن تسجيل هي الحالات يا أما ما بتسجلها أو بتسجلها على أنها جنون أو شعبنا ما بيسترجي ينتحر مشان ما يروح يقضي الأبدية عم يحترق ويتعذب. وكيف نسبة الاغتصاب والتحرش ما بتكون عنا أقل إذا المغتصبة أو المتحرش بها ما بتسترجي تحكي لأنو لا الأهل ولا المجتمع ولا القانون رح ينصفها أو يرحمها، وإذا الاغتصاب الزوجي يعتبر حق ولا يصنف ضمن الاغتصاب أساساً..
نحنا المرض فينا وحياتنا بشعة بس نضاراتنا من قد مو وسخين ما بتخلينا نشوف الحياة على واقعها، وبنحب الجهل والزيف لأنو بوسخ نضاراتنا أكتر وأكتر وبنكره العلم لأنو إذا سمحنالوا ينضف نضاراتنا ممكن تلعي نفسنا من هالمناظر اللي كل عمرنا عايشين فيها وشامين ريحتها بس ما عم نشوفها...
النظافة حلوة والنظافة من الإيمان مو هيك بتقولوا؟ ويا ويلاه ما أشطركم بالقول والحكي ولما يجي الجد بتتمنوا تنصابوا بالعمى ولا تنضفوا نضاراتكم!
- ملحوظة: ينصح بقراءة مسرحية "نهر الجنون" لتوفيق الحكيم، خفيفة وظريفة.
Comments
Post a Comment