مجرمي الكورونا وأساطيل بلا صياديها.. دون تدخل أي شيطان...

 


كُتبت في: 02/04/2020


في مسرحية للكاتب الأسباني Alejandro Casona اسمها (مركب بلا صياد) "La Barca sin Pescador"  كتبها عام 1945 والحبكة تبعها فيها اقتباس لطيف من  القصص الألمانية حول شخصية الدكتور Johann Georg Faust اللي كمان اقتبس منها الكاتب الإنكليزي Christopher Marlowe مسرحية (الدكتور فوستوس Doctor Faustus)...


بمسرحية (مركب بلا صياد) بكون في رجل أعمال شهير ومغرور اسمو Ricardo Jordán بيخسر كل أموالو بالبورصة وبالليلة اللي بكون فيها رح يعلن إفلاسو بيظهرلو الشيطان وبقلو أنو فيه يحول كل خساراتو لشخص تاني منافس ألو لكن بالمقابل لازم ينفذ طلب، وهاد الطلب أنو يقتل شخص.. طبعًا بعد نقاش طويل لإقناعو بقتل الشخص، قلو الشيطان أنو أنت عمليًا ما رح تقتل حدا، أنا رح اختار منطقة لا على التعيين واختار منها قرية لا على التعيين واختار منها شخص لا على التعيين واقتلو بطريقة طبيعية وأنت ما عليك غير أنك تعطي الموافقة.. سألوا ريكاردو أنو كيف يعني بطريقة طبيعية.. قلو في قرية فيها صياد طالع على تلة بدو يحتفل بأنو قدر يصمّد حق قارب أنت بس عليك تمد إيدك وأنت قاعد بغرفتك والهوا رح يرميه من أعلى التلة ويموت ومستحيل حدا يعرف أنك قتلتو لأنك أساسا ما رحت لعندو وما قتلتو وما في أي علاقة بينك وبينو.. ريكاردو بوافق وبمد إيدو وبيوقع الصياد وبموت، وبفيق ريكاردو تاني يوم وكأنو ما صار شي وبترجعلو ثروتو متل ما وعدو وبأفلس منافسو... بس بعدها بيدخل ريكاردو بصراع داخلي أنو هل أنا قتلت فعلًا وهل هي جريمة وهل إذا كنت بعرفو أو إذا عرفت مين الشخص ومين أهلو حتى بعد ما مات فهل هاد رح يغير شعوري.. وهل الجريمة هيي بس أنو نقتل حدا بإيدنا أو نعطي أمر مباشر بالقتل ولا كمان التسبب بالقتل جريمة...


أسئلة كتير لازم نسألها لحالنا هي الأيام وكتير.. هل القتل بس أنو نقتل حدا بإيدنا أو نعطي أمر مباشر بالقتل.. أم أن التسبب بالقتل بسبب الغرور والغباء هوي كمان جريمة حتى لو ما كنا بنعرف مين مات أو تضرر بسبب كلامنا وتخبيصنا...


كتار عم ينزلوا  پوستات نسخ لصق عن التشكيك بضرورة الالتزام بالإجراءات الصحية من تعقيم وحجر صحي وغيرو، وكتير عم ينشروا  پوستات أنو الكورونا خلص بسوريا وبغيرها أو أنو مجرد كذبة.. سؤالي لهدول الأشخاص، إذا فكرت بينك وبين حالك ما بتلاقي حالك مجرم بطريقة أو بأخرى؟


خلينا نفكر فيها شوي.. في حالتين:

- حالة أنو أنت متأكد من كلامك أنو صحيح مية بالمية ووقتها قدم الدليل عليه، وأنا شخصيًا ما شفت أي حدا مقدم أي شي يرقى ولو لمستوى كلمة دليل...

- حالة أنو أنت مو متأكد أنو الكلام اللي عم تحكيه أو تنشرو صحيح مية بالمية أو خطأ: بالتالي احتمال يكون خطأ وهاد الخطأ قد يتسبب بموت شخص لأنو تأثر بكلامك.. يمكن هاد الشخص أنت ما بتعرفو بس أنت تسببت بموتو إذًا أنت مجرم...


طبعًا كل ما كنت شخص مؤثر أكتر أو موثوق أكتر أو عندك شهادة أكبر أو متابعين أكتر كل ما كان إجرامك أكبر لأنو خطر انتشار كلامك أكبر...


نحنا هون عم نحكي عن وباء، والتخبيص بالتعامل معو عم يسبب وفاة آلاف ودمار اقتصادي.. يعني هالكم لايك اللي عم يجوك من ورا هالسخافات اللي عم تستفرغها أو تنسخها وتلصقها عم يندفع حقها أرواح حرفيًا.. يعني جريمة حقيقية.. وبإيديك أنت...


ما بدك تشارك بالتوعية الصحيحة تصطفل بس لا تكون مجرم وتشارك بدمار بلد وبقتل ناس وبعدين تنام بفرشتك ولا كأنك عامل شي...


بالمسرحية احتاج الكاتب "شيطان" لقتل شخص واحد "صياد" كرمال يستعيد شخص تاني "ثروة حياتو" وهاد الشخص التاني ما قدر ينام الليل من عذاب الضمير لأنو ترك عيلة هالصياد وقاربو بلا صياد.. بينما بأيامنا وبفضل السوشال ميديا فما عاد محتاجين غير " پوست واحد" من شخص عديم المسؤولية لحتى يقتل كتير أشخاص ويفضي بيوت ويشرد عائلات من دون حتى ما يرمشلو رمش وكرمال شو؟ كرمال كم لايك...


عزيزي فكر فيها شوي.. مانك قد المسؤولية عادي.. بس يا ريت تترك سخافتك لحالك وأفكارك الخرندعية تبع كشف المؤامرات كمان لحالك.. بالأحوال العادية هيك كتابات بتخلي اسمك "غبي أو تافه".. بس بهيك حالة اسمك "مجرم"!

Comments

أكثر المقالات قراءة:

قراءة في "معجزة خلق الجنين" ما بين السردية الإسلامية وكتاب غالين

أصل الحياة (التولد الذاتي)، ودراسة جديدة لردم جزء من هذه الفجوة

الفرق بين الحجة والادعاء والدليل، وما هي أنواع الدليل

هل يمكن نفي ما لا دليل عليه؟ إثبات الادعاء السلبي المبهم Proving a Negative

ما بين رهان باسكال ورهان أوريليوس يتم التفريق بين التاجر والإنسان.. بين الإيمان والأخلاق