وأخيرًا بدأ عصر الدفن الفرعوني بالأفول، وبدأ عصر ماكس وكيرا بالصعود!


كُتبت في: 27/03/2020


هالمرة رح اضطر استخدم سؤال مستهلك ولكن أول مرة حس أنو ألو معنى (عزيزي القارئ هل تعلم أنك تمارس عادة خاطئة بعد موتك.. اقرأ هذا البوست كي تعرف ما هي وكيفية تجنبها)...


قديمًا كانت كتير شعوب لما تدفن الموتى تدفن معهم أغراضهم الشخصية وأحيانا كنوزهم خاصة الملوك والأغنياء؛ اختلفت الأسباب باختلاف الشعوب والعادات ولكن أغلبها من باب أنو الشخص رح يستخدمها في الحياة ما بعد الموت.. أشهر من عمل هاد الشي هني الفراعنة اللي كانوا يحاولو يحافظوا للميت على تلات أشياء هني أغراضو الشخصية اللي تدفن معو، وكنوزو اللي كانت عالأغلب تدفن معو خاصة إذا كان غني أو فرعون، وأعضاء جسمو اللي كانوا يحنطوه للحفاظ عليها للحياة ما بعد الموت..


إجت الأديان الحديثة وقالت أنو ما حدا بياخد معو شي بعد الموت "غير أعمالو" ومع ذلك حافظت على طقوس عدم المسّ بالجسد احترامًا للميت.. صحيح هاد الجسد إما رح يصير رماد عند الأديان اللي بتحرق الجثة أو أملاح معدنية وأغذية عضوية للأحياء الدقيقة والطفيليات والنباتات عند الأديان اللي بتدفن أو اللي بتحط بصندوق؛ بس بالنسبة ألهم احترام الميت هوي عدم المساس بجسدو.. أي حرفيًا استمرار لطقوس قديمة لا معنى لها...


إحدى أهم العادات الخاطئة اللي بيعملها الشخص بعد موتو هيي دفن كنوزو معو.. كل شخص بجسمو كنوز هيي الأعضاء اللي ممكن تنقذ حياة كتير ناس عم يعانوا ويموتوا باليوم ألف موتة لأنهم محتاجين كلية أو قلب أو كبد أو رئة أو غيرو.. أشخاص عم يوقفوا بالطوابير قدام المشافي وأجهزة الغسل وطابو نطرة الدور كرمال يقدروا يلاقوا عضو... أشخاص عم يتم استغلالها بسبب عدم توفر الأعضاء وعم تبيع أعضائها.. أشخاص عم ينخطفوا وينقتلوا كرمال التجارة بأعضائهم وأغلبهم أطفال وضحايا حروب وهجرات غير شرعية.. بينما أنا وأنت وغيرنا مخبايين هالكنوز وآخدينها معنا بعد الموت مشان نقدمها وجبة غنية للدود والبكتيريا وغيرها.. ليش؟؟؟؟! لأنو هاد من احترام الميت عدم المس بجسدو!!.. هاد الجسد اللي بالنسبة للشخص اللاديني لا معنى له بعد الموت.. والنكتة أنو حتى بالنسبة للمتدين لا معنى له بعد الموت لأنو حسب الأديان هوي مجرد وعاء حامل "للروح" وما ينتقل بعد الموت هو "الروح والأعمال"...


بعض الدول المتقدمة سمحت بأنو المتوفي يكون كاتب بوصيتو رغبتو بالتبرع بالأعضاء حتى أنها بتوزع استمارات لما بتزور المراكز الصحية بتسألك عن رغبتك بس هالشي ما عطى نتيجة كبيرة إما لأنو ناس ما بدها أو ببساطة لأنو في كتير ناس مو فارقة معها تقوم بهيك إجراءات... طبعًا في كتير دول بتعارض هالشي من باب ديني مع أنو الأشخاص اللي عارضوه دينيًا كتار منهم راحوا على مشافي أجنبية مشان ياخدو أعضاء لما بلشت أعضائهم تكنتك بس هاد مو موضوعنا...


موضوعنا أنو طلع شي اسمو قانون ماكس وكيرا Max and Keira's law، شو هاد القانون؟

كيرا بول Keira Ball طفلة من بلدة اسمها بارنستيبل Barnstaple من شمال ديفون North Devon بجنوب إنكلترا.. توفت عام 2017 بحادث سيارة وكان عمرها تسع سنين أهلها تبرعوا بأعضائها (بالقلب والكبد والكليتين) قدرت تساعد أربع أشخاص.. الكليتين أخدوهم شخصين بالغين والكبد راح لطفل.. أما القلب راح لطفل بنفس عمرها لما ماتت اسمو ماكس جونسونMax Johnson واللي صار صديق العائلة بعدين.. قدرة هالطفلة أنها تنقذ أربع أشخاص خلى أهلها يعملو حملة أنو كل البريطانيين لازم يكونوا ضمن مشروع التبرع بالأعضاء بعد الوفاة بشكل أوتوماتيكي تلقائب واللي بيرغب يطلع من المشروع  فيه يعمل opt-out؛ هون بهالمقترح بكون كل شخص فيه يطلع إذا مو حابب بس أي شخص تاني رح يكون متبرع، طبعًا مع مراعاة أمور مهمة متل أنو رأي العائلة يؤخذ بعين الاعتبار إذا الشخص ما كان مصرح بوضوح أنو بدو، وطبعًا يستثنى من القرار الأطفال أقل من 18 واللي عندهم مشاكل عقلية (في أجراءات محددة ألهم) واللي مو عايش بريطانيا باختيارو.. هي الحملة تحولت لقانون اسمو قانون ماكس وكيرا Max and Keira's law، والحلو أنو رح يطبق ببريطانيا بدءًا من 20 أيار 2020 يعني السنة بعد موافقة البرلمان على تاريخ البدء.


أهمية هالقانون بتبين من الإحصائيات الآتية:

ببريطانيا لحالها اللي عدد سكانها 66 مليون وشوي.. 6153 شخص على قائمة الانتظار للحصول على عضو حاليًا.. من نيسان الماضي فقط 3474 شخص حصلوا على عضو.. السنة الماضية لحالها 408 أشخاص ماتوا وهني ناطرين دورهم على قائمة الانتظار للحصول على عضو (206 بانتظار كلية، 63 بانتظار رئة، 45 بانتظار كبد، 20 بانتظار قلب، والباقي مشكل)..

أميريكا.. 121,678 شخص على قائمة الانتظار للحصول على عضو تتوقف الحياة عليه، و100,791  شخص بانتظار كلية..3000 شخص يضاف للقائمة كل شهر.. 13 شخص بموتوا كل يوم وهني ناطرين... عام 2014 في  4761 شخص ماتوا وهني ناطرين..

وهي بريطانيا وأميريكا فشو الحال بدولنا! أكيد الوضع أسوأ ومبكي ومخزي أكتر...


كل واحد بكون حريص وبخيل بحياتو وبكون همو جمع العملة لما بموت بقولوا المثل المشهور (الكفن ما ألو جيوب) وبقولوا بنبرة المنتصر (فرجينا كيف بدك تاخد مصاري معك عالآخرة).. طيب أنتو فرجونا كيف بدكم تستخدموا هي الأعضاء بعد ما تندفن واللي هيي أغلى من الكنوز...


بالنهاية الخيار للإنسان.. إما بموت كإنسان وبقدم أعضاؤو لحدا محتاجها.. أو بموت عالطريقة الفرعونية وبقدم أعضاؤو وجبة دافئة لدود الأرض...

...........

حول قانون ماكس وكيرا:

حول تطبيقو:

حول الإحصائيات:


Comments

أكثر المقالات قراءة:

قراءة في "معجزة خلق الجنين" ما بين السردية الإسلامية وكتاب غالين

أصل الحياة (التولد الذاتي)، ودراسة جديدة لردم جزء من هذه الفجوة

الفرق بين الحجة والادعاء والدليل، وما هي أنواع الدليل

هل يمكن نفي ما لا دليل عليه؟ إثبات الادعاء السلبي المبهم Proving a Negative

ما بين رهان باسكال ورهان أوريليوس يتم التفريق بين التاجر والإنسان.. بين الإيمان والأخلاق